من وسط غابات الامازون الكثيفة تنحدر حضارات قديمة، وعادات وتقاليد غريبة وجميلة. في قبائل الأمازون تجد البشر موحدين مع الطبيعة و متأثرين بها. كما اشتهروا بتنوع ثقافتهم ولغتهم وعاداتهم وتقاليدهم الفريدة و الغريبة، كذلك لديهم فلسفتهم الخاصة.
لقبوا بألقاب كثيرة كان أبرزها الهنود الحمر ـ اكلوا لحوم البشرـ المسعورون
في رحاب هذا المقال سنقوم برحلة استكشافية إلى عالم قبائل الأمازون، لنتعرف على ثقافتهم الفريدة والمتنوعة.
قبائل الأمازون
ثقافتهم هي من أكثر الثقافات المتنوعة و المذهلة في العالم، لأنها تجمع التقاليد العريقة لهذه القبائل مع سحر الطبيعة الخلاب، وكيف أثرت الطبيعة بهم و تأثروا بها.
تمتد غابات الأمازون بين دول كثيرة، منها البرازيل وأمريكا الجنوبية و البيرو و كولومبيا و الاكوادور و غيرها الكثير، و يصل عددها من ٤٠٠ إلى ٥٠٠ قبيلة، ولقبهم الشائع الهنود الحمر.
أشهر قبائل الأمازون
١_قبيلة اليانومامي
تقع هذه القبيلة بين شمال البرازيل و جنوب فنزويلا، كما تعتبر أكبر محمية للشعوب الأصلية، و يبلغ عدد أفرادها من ٢٩ ألف الى ٣٥ ألف نسمة، يقسمون على ٢٥٠ قرية، تبعد القرى عن بعضها مسافات مختلفة، بالإضافة إلى أنهم يقسمون على أربع مجموعات ينطقون فيها لهجات مختلفة أيضأ.
لا يملكون زعيم و يأخذون قراراتهم بالتشاور فيما بينهم، كل قرية لها ريّس يطلق عليه اسم هيويوما. يتمتع بصفات الرجولة والشجاعة و الشهامة، بالإضافة إلى براعته بالخطابة. ويقع على عاتقه تنظيم الأنشطة الإجتماعية والاقتصادية والدينية للقرية، كذلك يحل الخلافات بين الخصوم.
العادات والتقاليد الاجتماعية في قبيلة يانومامي
تتميز بيوتهم بمساحتها الكبيرة التي تتسع لحوالي ٤٠٠ شخص، كما تتصف بشكلها الدائري و سقفها المصنوع من ورق النخيل و جدرانها المصنوعة من القصب و الخيزران و القشور. يطلق على هذه البيوت اسم شابونو
كما تقام داخلها الحفلات و الأعياد.
من عاداتهم الغريبة أيضاً الزواج الجماعي، حيث أن الرجل يتزوج من أكثر من امرأة، كذلك المرأة تتزوج من أكثر من رجل. برأيهم أن هذه الطريقة تقوي الروابط الاجتماعية والسياسية بينهم و بين القبائل الثانية.
وتترتب هذه الزيجات عن طريق الأهل أو الريّس. أما عن المهر لديهم. فعادة يكون عبارة عن هدايا و خدمات.
أما العمل عندهم منقسم بين الرجال و النساء، حيث أن الرجال معظمهم يعملون بالصيد، و لديهم قناعة أنه لا يجوز للصياد أن يأكل فريسته بمفرده بل يجب أن يتشاركها مع عائلته.
أما عن عمل النساء فإن معظم النساء هناك يعملون بالزراعة بالإضافة إلى تربية الأطفال، حيث يزرعن أكثر من ٦٠ نوع من المزروعات، كالذرة و القرع و البطاطا و الفول، و يقمن بقطف و جمع الفاكهة كالموز والأناناس والمانغو.
العادات الروحية في قبيلة يانومامي
للعادات الروحية عندهم مكانة خاصة، و يؤمنون بفكرة أن كل شيء على وجه الأرض له روح حتى الحجر و الشجر. وبأن الأمراض واللعنات تأتي من الأرواح الشريرة التي تهاجمهم.
لذلك لديهم طقوس غريبة في تشييع موتاهم، حيث يقومون بإحراق الجثة باعتقادهم أنها أسرع طريقة لترتاح بها الروح. مفضلين هذه الطريقة على الدفن الذي تستغرق به الجثة وقتاُ أطول لتتحلل.
قبل إحراق الجثة يقومون بتغطيتها بأوراق الشجر، و تترك في الغابة لمدة ٤٥ يوم. باعتقادهم حتى تتخلص الجثة من اللعنة ثم يقومون بإحراقها، ودهن وجوههم ببقايا الجسد المحروق، و يؤدون الرقصات و الاغاني التي تعبر عن الحزن.
بعد ذلك يجمعون العظام المتبقية من الحرق و يحولونها إلى مسحوق، ثم تمزج مع رماد الجسد المحروق و حساء الموز، ثم يأكلونه بجلسة واحدة.
باعتقادهم أن هذه الحركة توصل الروح للسلام الأبدي. لأنها لن تنتقل كلها إلى العالم الآخر، إلا إذا اختفت عن عالمنا بشكل نهائي.
أما لو المتوفي مات مقتولاً على يد أعداءه ، يؤكل رماده من قبل النساء فقط، ليلة التخطيط للانتقام له. وبعد الانتقام يقولوا إن الروح رقدت بسلام.
يستخدمون الأسلحة التقليدية في حروبهم، مثل القوس و السهم والعصي و المقاليع. كما أن الحرب جزء لا يتجزأ من ثقافتهم حيث يظهرون فيها شجاعتهم.
٢_قبيلة الكاياتو أو الكايا
هي قبيلة تقع وسط البرازيل، و تعد محمية للشعوب الأصلية في البرازيل، يبلغ عدد سكانها نحو ٩٠٠٠نسمة، ينقسمون إلى ١٦ مجموعة، و يتحدثون عدة لغات مختلفة.
يتميزون عن غيرهم من القبائل بأنهم يرسمون على أجسادهم رسومات أشبه إلى أشكال الحيوانات. يعبرون بها عن انتماءهم. بالإضافة لاستخدامهم ألوان مثل الأحمر و الأسود و الأبيض و يعتبرونها طريقة لتقوية الروابط الاجتماعية و الروحية فيما بينهم.
كما يتميزون بالريش الملونة التي يضعونها على رؤوسهم، و هذه الريش خلفيتها رواية اسطورية تقول “أنهم نزلوا من دائرة كبيرة من السماء على الأرض عن طريق حبل، و بعد نزولهم وضعوا غطاء الريش الملون على رؤوسهم ليتميزوا عن غيرهم من الشعوب “.
كما أنهم استخدموا الريش الملون في صنع الحلي و الأساور و المعاطف، حيث يجمعون الريش من الطيور الملونة مثل الببغاوات و النسور و الطواويس، و يعتبرونه رمزاً للقوة و الشجاعة و يعبر عن فهمهم للكون و العلاقة بين الأرض و سكانها.لديهم فلسفتهم الخاصة.
يلبسونه في المناسبات و الحفلات الاجتماعية و الحروب، يحكمهم قائد اسمه راوني ميتوكتيري و مشهور بشكل شفاهه المحلقة الغريبة و التي تدل على مكانته العالية بين أقرانه.
قبل أن يبدأوا اجتماعاتهم يؤدون رقصات لتسوق لهم الحظ و التوفيق، من وجهة نظرهم كما أنهم يتفاءلون بها.
العادات و التقاليد الاحتماعية في قبيلة الكاياتو
بيوتهم تكون في أعالي الأشجار، سقفها من ورق النخل و جدرانها من الخيزران و القش.
يتزوجون بعد مواسم الأمطار، ويشتهرون بالزيجات الجماعية أيضاً.
الرجل عندهم مسؤول عن تأمين الأكل و حماية العائلة، و الزوجة تربي الأطفال و ترعاهم. أما اذا حصل خلاف بين الرجل و زوجته و ادى الى زعله منها يقوم برميها من أعلى الشجرة و أحيانا يقوم بقتلها.
من عاداتهم الغريبة أيضاً، أنهم يثقبوا آذان الذكور و الإناث وهم في عمر صغير، و من يرفض ذلك يعتبر انسان غبي. كما لقبوا بالمسعورين لأنهم يهاجمون أي غريب يدخل اقليمهم.
حتى أنهم نصبوا مصائد للصيادين الذين يذهبون إلى اقليمهم، لصيد الثعالب و الذئاب لبيع فرائها. كما أنهم هاجموا بالسهام الكاميرات الطائرة التي كانت تقوم بتصويرهم.
الأخطار التي تهدد قبائل الامازون
في قبيلة يانومامي محظور التعدين و لكنها تعاني من عدة مشاكل تؤثر على البيئة والصحة، و تعرض السكان الأصليين لخطر التهجير، وبذلك ستتعرض ثقافتهم للاندثار.
حيث أنها تعاني من جريمة منظمة بسبب كثرة العمال الغير شرعيين، الذين ينقلون عن الذهب والذي وصل عددهم نحو ٢٠ ألف عامل.
بالاضافة الى قاطعي الأشجار، هؤلاء يخدمون أشخاص لديهم نفوذ و سلطة و اطماع اقتصادية و لم يستطع أحد من منعهم.
اما سكان قبيلة كايا يعانون من انتشار الأمراض و الأوبئة و الملاريا، كما تلوثت مياه أنهارهم بالزئبق الذي استعمله العمال الغير شرعيين لفصل الذهب عن الحجارة.
هذا سيؤثر على السكان الأصليين و سيؤدي الى تشردهم، و سيقضي على هذا التنوع الثقافي و اللغوي الموجود عند هذه القبائل. بالإضافة إلى خطر الاحتباس الحراري الذي يهدد الأرض.
في الختام أن قبائل الأمازون تتمتع بثقافة فريدة و عادات غريبة و مميزة و وجودها على هذه الأرض شيء جميل حيث تتحد هذه القبائل مع الطبيعة و البيئة و تحافظ عليها على عكس باقي البشر.
لذلك نتمنى من المنظمات الإنسانية والحكومة البرازيلية أن تساهم في حمايتهم و حفظ حقوقهم و الحفاظ على أمنهم وثقافتهم .